من أجل مكافحة الإساءة الجنسية للأطفال، تعتزم شركة أبل تثبيت برنامج على أجهزة الآي-فون الأمريكية للبحث عن صور غير قانونية وتحديدا التي تضم إساءة معاملة أو استغلال للأطفال، ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أن هذا قد يشكل خطراً على خصوصية المستخدمين لأنها إذا فعلت ذلك قد تفتح الباب أمام مراقبة ملايين الأجهزة للمستخدمين من حول العالم.
نظام أبل الجديد
قامت شركة أبل بتفصيل نظامها المقترح والذي أطلقت عليه اسم نيورال ماتش ” neuralMatch” لبعض الأكاديميين الأمريكيين في وقت سابق من هذا الأسبوع، ووفقًا لاثنين من الباحثين الأمنيين الذين تم اطلاعهم على الاجتماع الافتراضي، من المتوقع أن يتم تنفيذ برنامج أبل على نطاق أوسع في أقرب وقت هذا الأسبوع.
ونيورال ماتش عبارة عن نظام آلي سيقوم بتنبيه فريق من المراجعين البشريين بشكل استباقي إذا اعتقد أنه تم اكتشاف صور غير قانونية، وبعد ذلك يقوم المراجعون بالاتصال بجهات إنفاذ القانون والإبلاغ عن صاحب الجهاز.
أبل ووكالات إنفاذ القانون
واشتد التوتر بين شركات التكنولوجيا مثل أبل وفيسبوك، اللتين دافعتا عن استخدامهما المتزايد للتشفير في منتجاتهما وخدماتهما ووكالات إنفاذ القانون، منذ أن رفضت أبل مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في عام 2016 بشأن الوصول إلى آي-فون أحد المشتبه بهم في حادثة إطلاق نار في سان برناردينو، كاليفورنيا.
وفي محاولة من أبل لإرضاء جميع الأطراف، سواء كانوا مستخدمين أو السلطات، أعلنت عن نظامها الجديد “نيورال ماتش” والذي يعتبر حل وسط بين وعدها بحماية خصوصية العملاء والمطالب المستمرة من الحكومات ووكالات إنفاذ القانون للحصول على مزيد من المساعدة في التحقيقات الجنائية، بما في ذلك الإرهاب والمواد الإباحية للأطفال.
طريقة عمل نيورال ماتش
ستقوم خوارزمية نظام NeuralMatch بفحص الصور المخزنة على الآي-فون الخاص بمستخدم أمريكي بشكل مستمر وتم تحميلها إلى نظام النسخ الاحتياطي iCloud، وستتم مقارنة صور المستخدمين التي تم تحويلها إلى سلسلة من الأرقام من خلال عملية تعرف باسم “التجزئة”، بتلك الموجودة في قاعدة بيانات خاصة بالصور المعروفة عن الاعتداء الجنسي على الأطفال.
وقامت أبل بتدريب النظام على حوالي 200000 صورة اعتداء جنسي تم جمعها من قبل المركز القومي الأمريكي غير الربحي للأطفال المفقودين والمستغلين.
وفقا للأشخاص الذين تم إطلاعهم على الخطط، سيتم منح كل صورة يتم تحميلها على iCloud في الولايات المتحدة “قسيمة أمان” توضح ما إذا كانت مشبوهة أم لا، وبمجرد وضع علامة على عدد معين من الصور على أنها مشبوهة، ستمكّن أبل من فك تشفير جميع الصور المشبوهة، وإذا كانت غير قانونية، سوف يتم ابلاغ السلطات على الفور.
أبل والخصوصية
ربما تؤمن أبل بأن الخصوصية حق لكل مستخدم وعلى الرغم من نواياها الحسنة تجاه قضية استغلال وإساءة معاملة الأطفال إلا أن العديد من الخبراء الأمنيين قلقون من أن أبل قد تُخاطر بتمكين الحكومات في جميع أنحاء العالم من السعي للوصول إلى البيانات الشخصية لمواطنيها، وهو ما قد يتجاوز هدفها الأصلي.
يقول روس أندرسون أستاذ هندسة الأمن في جامعة كامبريدج “إنها فكرة مروعة تمامًا، لأنها ستؤدي إلى مراقبة جماعية، لأن بالإمكان التلاعب بنظام أبل للبحث عن أي صور ونصوص أخرى مستهدفة والأهم من ذلك أن فكرة أبل ستؤدي إلى زيادة الضغط على شركات التكنولوجيا الأخرى لاستخدام تقنيات مماثلة.
أما أليك موفيت، الباحث الأمني وناشط الخصوصية الذي عمل سابقاً في فيسبوك وخدمة ديليفرو فقد قال “إن تحرك أبل كان غير متوقع تماماً ويُعتبر تراجع كبير للخصوصية”.
أيضا يرى ماثيو جرين، أستاذ الأمن في جامعة جونز هوبكنز، والذي يُعتقد أنه أول باحث ينشر تغريده حول هذه القضية، أن ما فعلته أبل سيؤدي إلى كسر السد لأن الحكومات سوف تضغط على الشركات الأخرى لفعل نفس الأمر.
من جانبه قال آلان وودوارد، أستاذ أمن الكمبيوتر في جامعة ساري “إن نظام أبل أقل توغلًا، حيث أن الفحص يتم على الهاتف و يتم إرسال إشعار للسلطات إذا كان هناك تطابق، وهذا النهج اللامركزي هو أفضل طريقة يمكنك اعتمادها للحفاظ على الخصوصية”.