أقبل رمضان والقلب مشتت والنفس متهالكة والهِمم مبعثرة، والشواغل تغطي القلب والعقل، فلا الملهيات تنتهي، ولا المتطلبات تتوقف… عالم من الشتات نعيش فيه، وقليل من يأخذ نفسه بالعزم والجد، فأصبح أفضلنا حالًا هو من يأمل نفسه براحة رمضان، وسكينة التراويح، وخشوع القرآن. فكيف تجتمع السكينة مع صخب مواقع التواصل، وكيف نصل إلى الخشوع مع أصوات الإشعارات.
لا تضيع رمضان بالاستخدام الخاطئ للهواتف الذكية
رمضان، شهر الفرح والسعادة
ربما نعتقد للوهلة الأولى أننا نمضي كل هذا الوقت على هواتفنا الذكية لأنها تجعلنا سعداء، ولكن على النقيض تمامًا؛ فقد أظهرت كافة البيانات والتحليلات عكس ذلك. وقد أظهر بحث أجراه المعهد الوطني الأمريكي للإدمان على المخدرات، بأن هنالك علاقة طردية ما بين انخفاض نسبة السعادة وانخفاض الساعات التي يمضيها الشخص على هاتفه الذكي؛ إذ كلما زاد الفرد من استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي كلما ازدادت تعاسته وإحباطه. وفي المقابل، كلما مارس الفرد نشاطات مختلفة بعيدًا عن الأجهزة الذكية، كلما ازدادت سعادته بنسبة الضعفين.
يقول الله تعالى: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»
رمضان، شهر التواصل
وسائل التواصل الاجتماعي تكنولوجيا رائعة ومجال خصب للدعوة والانفتاح والتعارف الحسن والتعرف على الثقافات المختلفة والميول والاتجاهات لكافة أنحاء المعمورة. فما أحوجنا إلى استشعار فضل الله علينا بهذه التكنولوجيا الحديثة فقد قربت المسافات، وخففت الأعباء، وسهلت التواصل، وكونت صداقات ومعارف.
لكن بالنسبة للبعض تحولت مواقع التواصل الاجتماعي من منتدى فكري وساحة حوار راقية إلى ثرثرة مقيتة تشكل عبئا نفسيا مزعجا وباعثا على اليأس والإحباط وتثير الضجر والازدراء فضلا عن الوقوع في الهفوات وارتكاب الأخطاء وعدم المبالاة وساعدت على تقليل أخلاقيات الأفراد والمجتمعات لدرجة تحولت معها من ساحة تواصل وتجاذب إلى حالة تقاطع وتنافر ويتنافى هذا ومبادئ الإسلام.
يقول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ»
رمضان، شهر الطاعة
دعنا أخي الكريم، نحن محبين التقنية وعشاقها، نضع حد للاستخدام الخاطئ لهذه الأجهزة خاصة في شهر رمضان فبالتأكيد شخص ذكي يحترف التقنية ويعرف كل صغيرة وكبيرة في عالم التكنولوجيا يستطيع أن يدرك أن خسارة شهر رمضان ليس بالشيء الهين، فقد قال رسول الله ﷺ “ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له”
لعل الله سبحانه وتعالى يقبلنا ويرحمنا ويعفو عنا ويتوب علينا نحن أمام فرصة، الرب الكريم أعطانا هذه الفرصة في رمضان إذا صمنا وقمنا قياماً وصياماً صحيح نبتغي به وجه الله غفر الله لنا جميعاً ما يكون من ذنبنا.
يقول الله تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»