لهذا قد لا تستطيع أبل مجاراة الشركات الصينية في التقنيات الجديدة

صدق أو لا تصدق فأحياناً تستطيع سامسونج أو شاومي أو أوبو أو هواوي تقديم تقنيات جديدة مبتكرة في هواتفهم لكن في الوقت نفسه لا تستطيع أبل توفيرها عام أو عامين مثلاً! ولا نتحدث هنا أن أبل “بخيلة” ولا ترغب في توفيرها؛ لكننا نقول لا تستطيع توفيرها من الأساس. لماذا؟ تابع معنا وتعرف على السر.

لهذا قد لا تستطيع أبل مجاراة الشركات الصينية في التقنيات الجديدة

توضيح هام:

عندما يعلن عن تقنية جديد في عالم الهواتف الذكية ثم لا نراها في الآي فون فغالباً يكون التفسير أمر من إثنين وهما:

تفسير مستخدمي الأندرويد: أبل شركة بخيلة لا ترغب في توفير أحدث التقنيات؛ فهى تريد بيع تقنيات قديمة بسعر مرتفع وتحقق أرباح باهظة.

تفسير محبي أبل: هذه التقنية غير مكتملة وغير مناسبة مع منظومة أبل Ecosystem وسوف تنتظر أبل عام أو عامين حتى تنضج التقنية ثم تقدمها.

كلا التفسيرين منطقي ويحدث بالفعل؛ لكننا هذه المرة نتحدث في نقطة ثالثة أخرى؛ خيار ثالث يحدث أحياناً قد يكون هو السبب.

أحياناً تقدم شركة ليكن هواوي أو شاومي أو أوبو تقنية جميلة ومكتملة بالفعل في أحدث وأغلى هواتفها؛ لكن أبل لا تستطيع توفير نفس هذه الميزة. التقنية هذه ليس مملوكة بشكل حصري لأوبو أو شاومي مثلاً وبالتالي لا يمكن لأبل تنفيذها؛ لا هذه التقنية قاموا بشراءها من شركات التوريد. لكن أبل لا تستطيع فعل الأمر نفسه مع الآي فون. وهذا هو السبب.


توضيحات أساسية

1

لدى أبل قسم تصميم وليس قسم تصنيع. أي يقوم فريق أبل بتصميم الغلاف الخارجي للآي فون ثم يرسل للمصانع طلب تصنيع هذا الغلاف؛ يصمم الفريق بطارية بأبعاد محددة ثم تقوم شركات بتوريد البطارية هذه لأبل وهكذا أي لا تصنع أبل المنتجات بنفسها… أبل في الماضي كان لديها مصانعها الخاصة حتى عودة ستيف جوبز إلى أبل في 1997 والذي قام وقتها بتعيين تيم كوك كمدير للتشغيل في أبل وطلب منه حل مشكلة التصنيع لدى أبل فكان قرار تيم كوك هو إغلاق المصانع؛ نعم طبق تيم المثل الشعبي الشهير “شراء العبد أسهل من تربيته”. وقام تيم بتأسيس شبكة ضخمة من التوريدات حيث تحصل أبل على أجزاء الهاتف من شركات مختلفة مثل شاشة من سامسونج وحساس كاميرا من سنوي ومعالج من TSMC وذاكرة من سانديسك وماكرون وهكذا ويرسل الجميع إلى فوكسون أو بيجاترون لتجميع الهاتف.

2

عالم الهواتف الذكية يصنف إلى 3 فئات وهى القطاع الاقتصادي ويقصد به الهاتف أقل من 150 دولار ثم الفئة المتوسطة وهى الهواتف ما بين 150$ وحتى 400$ ثم الهواتف العليا “بريميوم” وهى هواتف أكثر من 400 دولار. وهناك بعض المراكز البحثية تفضل عمل شريحة رابعة وهى الهواتف الرائدة العليا فوق 650$ لكننا سوف نختار التصنيف الأوسع وهو 400$.

◉ فئة الهواتف العليا “البريميوم” تحقق مبيعات سنويه 300-350 مليون تليفون مبيعاً وتستطيع أبل ان تقتنص حصة فيها ما بين 200-250 مليون يعني ممكن نقول متوسط 60%. وهناك تقرير لمركز الأبحاث counterpoint research قال إن حصة أبل الربع الأول 2020 في الفئة العليا كانت 57% يليا سامسونج 19% ثم هواوي 12% وأوبو 3% وشاومي 2%. وللتذكير الربع الأول لم تقم أبل بإصدار هاتف فيه. التقرير نفسه قال أن أكثر 5 هواتف رائدة في العالم مبيعاً يكون الآي فون 4 منهم. وهناك تقرير آخر قال أن اكثر 10 هواتف في العالم مبيعاً خلال أول 6 أشهر كان الآي فون له حصة 5 أجهزة فيهم. أما التصنيفات التي تنظر للهواتف أكثر من 800$ فتجد حصل أبل قد تصل إلى 80% من السوق العالمي في هذا المجال.

◉ بالنظر لأرقام الربع الأول من العام نجد أنه تم بيع 70 مليون هاتف رائد حصة أبل فيهم 40 مليون وسامسونج 13 مليون وهواوي 8 مليون وأوبو 1.2 مليون وشاومي 0.8 مليون.

◉ بالانتقال للهواتف الشهيرة نجد أن هواوي قالت أنها في عام 2019 كانت مبيعات عائلة Mate 20 وعائلة P30 معاً (وتشمل النسخة الـ Lite المتوسطة) مجموعهم 37 مليون هاتف.

◉ أما سامسونج نجد أن عائلة S20 حققت مبيعات 8.2 مليون في أول 3 شهور من الإطلاق.. الطريف أن رقم 8 مليون هذا كانت تقارير ذكرت أن أبل بعد صدور الآي فون 11 (ليس برو) طلبت من المصانع زيادة إنتاجه 10% وقدرت التقاري هذه الـ 10% بأنه 80 مليون هاتف. أي أن سامسونج تبيع في 3 أشهر من أهم هاتف لديها S20 ما تقرر أبل زيادة إنتاجه من هاتفها.

نعتذر إن جعلناك تشعر بالممل من هذه المقدمة الطويلة لكنها كانت هامة لتوضيح المشكلة لدى أبل.


ضخامة المبيعات مشكلة

صدق أو لا تصدق فضخامة إنتاج أبل ومبيعات الهواتف الفئة العليا أحياناً تكون عائق أمام تقديم تقنيات. فتخيل معي أن شركة ما كشفت عن تقنية رائعة وقررت شاومي إضافتها في هواتفها العليا. كم تبيع شاومي شهرياً “متوسط” من أغلى الأجهزة؟ متوسط 300 ألف جهاز. فترسل شاومي طلب للمصنع نريد 300 ألف قطعة من هذا الابتكار؛ ويوفرهم المصنع لشاومي ونرى التقنية. تخيل معي أن أبل أعجبت بنفس التقنية وأرادت إطلاق نفس التقنية؛ هل تعلم كم تبيع أبل في شهر إطلاق الهاتف؟ متوسط 25 مليون هاتف ثم ينخفض المتوسط تدريجي إلى أن يكون معدلها 10 مليون آي-فون شهرياً. وهنا تكون المشكلة؛ المصانع ليس لديها خطوط إنتاج قادرة على تلبية طلب أبل.

وحتى لا نتهم بالخيال لنرى مثال واقعي حدث بالفعل.. شاشات OLED اقتنعت أبل بها وقررت إضافتها في هواتفها. وهنا طلبت أبل عشرات الملايين من الشاشات بمواصفات محددة تجعل دائماً شاشة الآي فون تحصد لقب أفضل شاشة OLED في العالم. أخبرتها شركات Sharp و LG و شاشات اليابان أنهم لا يمكنهم تصنيع هذه الكمية من الشاشات. وبالذهاب إلى سامسونج أكبر مصنع شاشات OLED في العالم وافقت سامسونج على التصنيع لكنها وضعت شرط جزائي ضد أبل؛ الفكرة أن سامسونج سوف تنفق مليارات على تكبير المصانع لاستقبال طلبات أبل؛ فإذا جاء الطلب أقل من رقم محدد فسوف تدفع لها أبل تعويض وهو ما حدث بالفعل حيث ذكرت تقارير أن طلبات أبل من سامسونج في الربع الثاني 2020 كانت أقل من الحد الأدنى لذا دفعت أبل 950 مليون دولار تعويض لسامسونج.

هل وضحت الآن المشكلة؛ تخيل معي أن أبل تريد تحويل الآي باد برو إلى شاشات OLED؛ العالم بأكمله ربما لا يبيع 1 مليون تابلت بشاشة OLED وبالتالي المصانع تعمل بهذه القدرة؛ فجأة تقول لهم أبل نريد 10 مليون شاشة.

في عالم التصنيع الأمر ليس سهل ولا يمكنك إدارة محرك بسرعة أكبر لتحصل على عدد أجهزة أكبر. لنستمر في نفس المثال OLED فأبل عندما عجزت كل المصانع عن توريدها اضطرت للجوء إلى سامسونج. لكن تقارير تحدثت أن أبل قررت دعم LG عام 2017 بمبلغ 2.7 مليار دولار من أجل توسعة المصانع. نحن الآن في 2020؛ التقارير الآن تقول أن LG ربما تورد 10% فقط من احتياجات أبل من شاشات OLED. هل تخيلت الآن 3 سنوات ومليارات الدولارات ولم تستطيع شركة بحجم LG تلبية طلبات أبل!

مثال آخر وهو مشكلة أمريكا والصين؛ ترامب يفرض ضرائب باهظة على المنتجات الصينية؛ هل تستطيع أبل طلب تحويل هواتفها لـ 200 مليون ليتم تجميعهم خارج الصين؟ لا يمكن هذا لأنه لا يوجد مصانع خارج الصين يمكنها تجميع هذا الكم من الأجهزة الرائدة. فتجد الأخبار أن فوكسكون سوف تستثمر 1 مليار دولار في مصانع في الهند وأنها توسع مصانعها في البرازيل وغيرها. سنوات حتى تستطيع نقل صناعة الآي فون للخارج. تخيل معي أن جوجل تريد نقل تجميع هواتف بيكسل خارج الصين؛ كم تبيع جوجل شهرياً؟ تقريباً 600 ألف هاتف؛ الأمر بسيط لكن نقل 10-15 مليون آي-فون وآي باد شهري للخارج أمر صعب.


الخلاصة

عندما يكشف عن تقنية ما متطورة للغاية تكون قدرة المصانع على توفيرها ضعيفة وضئيلة؛ ربما 1-2 مثلاً شهري؛ هذا الرقم مناسب لمبيعات فئة عليا في هواوي أو شاومي أو أوبو مثلاً؛ لكن هذه القدرة الإنتاجية غير مناسبة لحجم الطلب الخاص بأبل؛ فتقوم التفاحة بطلب أن توسعة خطوط الإنتاج لقبول طلبات أبل. وعشرات المرات نرى أخباراً تتحدث عن مشاكل في التصنيع بسبب أن الموردين لديهم عجز. هل سبق وأن رأيت هاتف آخر بخلاف الآي فون تقول الأخبار أن هناك عجز في مصانع التوريد لقطعه! فقط الآي فون؛ لأننا هنا لا نتحدث عن عتاد تقليدي يباع مئات الملايين. بل عتاد Hi-End.

نتمنى أن تكون فكرة عقبات ضخامة الانتاج قد تم توضيحها؛ ونكرر أن هذا لا ينفي النقاط المذكورة في بداية المقال لكننا فقط نقول أن الأسباب ليست 2 فقط فهناك أسباب أخرى لتأخير توفير التقنيات.

وربما غداً نرى تأخر في إطلاق الآي فون 12 لنفس الأسباب؛ المصانع غير قادرة على تلبية حجم الطلب.

هل فكرت من قبل أن ضخامة إنتاج أبل قد يكون عقبة في إضافة التقنيات حديثه؟ وهل تعرف أسباب أخرى لتأخرها في توفير بعض المزايا بالعتاد؟ شاركنا رأيك في التعليقات

شاهد أيضاً

رداً على ChatGPT جوجل تعلن عن Bard ومايكروسوفت ترد بقوة

لعلنا لاحظنا الشعبية المتزايدة لـ ChatGPT، روبوت المحادثة القائم على الذكاء الاصطناعي، الذي تستثمر فيه مايكروسوفت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *