تفسير الأحلام – إبن سيرين – الباب الثامن والعشرون :
الضيافة اجتماع عى خير فمن رأى كأنه يدعو قوما الى ضيافته فإنه يدل في أمر يورثه الندم والملام بدليل قصة سليمان عليه السلام حين سأل ربه عز وجل أن يطعم خلقه يوما واحدا فلم يمكنه إشباع حوت فإن رأى كأنه دعا قوما الى ضيافته من الأطعمة حتى استوفوا فإنه يترأس عليهم وقيل اتخاذ الضيافة يدل على قدوم غائب فإن رأى كأنه دعا الى مجهول فيه فاكهة كثيرة وشراب فإنه يدعى الى الجهاد ويستشهد لقوله تعالى يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب وأما ضرب العود فكلام كذب وكذلك استماعه
ومن رأى كأنه يضرب العود في منزله أصيب بمصيبة وقيل إن ضرب العود رياسة لضاربه وقيل إصابة غم فإن رأى كأنه يضربه فانقطع وتره خرج من همومه وقيل أن نقره يدل على ملك شريف قد أزعج من ملكه وعزه وكلما تذكر ملكه انقلبت امعاؤه وهو للمستور عظة وللفاسق افساده قوما بشئ يقع على أمعائهم وهو للجائر جور على قوم يقطع به أمعاءهم
ومن رأى أنه يضرب بباب الإمام من الملاهي شئ من المزمار والرقص مثل العود والطنبور والصنج نال ولاية وسلطانا ان كان أهلا لذلك وإلا فإنه يفتعل كلاما والمزمار ولاية فمن رأى كأنه ملكا أعطاه مزمارا نال ورية ان كان من أهلها وفرحا ان لم يكن من أهلها
ومن رأى أنه يزمر ويضع أنامله على ثقب المزمار فإنه يتعلم القرآن ومعانيه ويحسن قراءته وقيل ان رأى مريض كأنه يزمر فإنه يموت والصنج المتخذ من الصفر يدل على متاع الحياة الدنيا وضربه افتخار بالدنيا وصوت الطيل صوت باطل فإن كان معه صراخ زمر ورقص فهو مصيبة والطبال رجل بطال ويفتخر بالبطالة والطبل رجل صفعان فمن رأى أنه تحول طبلا صار صفعانا وطبل المخنثين امرأة لها عبوب يكره تصريحها لأنها عورة وفضيحة إذا فتش عنها كانت شنعة لأن ارتفاع صوته شناعة وكذلك حال هذه المرأة وطبل النساء تجارة في باطيل قليلة المنفعة كثيرة الشنعة وضرب الدف هم وحزن ومصيبة وشهوة لمن يكون معه فإن كان بيد جارية فهو خير ظاهر مشهور على قدر هيئتها وجوهرها وهو ضرب باطل مشهور وان كان مع امرأة فأنه أمر مشهور وسنة مشهورة في السنين كلها وان كان مع رجل فإنه شهرة والمعازف والقيان كلها في الأعراس مصيبة لأهل الدار وأما الغناء فإن كان طيبا دل على تجارة رابحة وان لم يكون طيبا دل على تجارة خاسرة وقال بعضهم إن المغني عالم أو حكيم أو مذكر والغناء في السوق للاغنياء فضائح وأمور قبيحة يقعون فيها وللفقيرذهاب عقله
ومن رأى كأن موضعا يغنى فيه فإنه يقع هناك كذب يفرق بين الأحبة وكيد حاسد كاذب لأن أول من غنى وناح ابليس لعنه الله وقيل الغناء يدل على صخب ومنازعة وذلك بسبب تبدل الحركات في المرقص
ومن رأى كأنه يغني قصائد بلحن حسن وصوت عال فإن ذلك خير أصحاب الغناء والألحان وجميع من كان منهم فإن رأى كأنه يغني غناء رديئا فإن ذلك يدل على بطالة ومسكنة
ومن رأى كأنه يمشي في الطين ويغني فإن ذلك خير وخاصة لمن كان يبيع العيدان والغناء في الحمام كلام مبهم وقيل الغناء في الأصل يدل على صخب ومنازعة وأما الرقص فهو هم ومصيبة مقلقة والرقص للمريض يدل على طول مرضه وقيل إن رقص الفقير غنى لا يدوم ورقص المرأة وقوعها في فضيحة وأما رقص من هو مملوك فهو يدل على أنه يضرب وأما رقص المسجون فدليل الخلاص من السجن وأنحلاله من القيد لانحلال بدن لرقاص وخفته وأما رقص الصبي فإنه يدل على أن الصبي يكون أصم أخرس ويكون إذا أراد الشئ أشار اليه بيده ويكون على هيئة الرقص وأما رقص من يسير في البحر فإنه ردئ ويدل على شدة يقع فيها وان رقص انسان لغيره فإن المرقوص عنده يصاب بمصيبة يشترك فيها مع الرقاص
ومن رأى كأنه رقص في داخل منزله وحوله أهل بيته وحدهم ليس معهم غريب فإن ذلك خير للناس كلهم بالسواء والضارب بالطنبور رجل رئيس صاحب أباطيل مفتعل في أقوام فقراء أو ساعي الدراهم السكية أوزان يجتمع مع النساء لأن الوتر امرأة وضرب الطنبور مصيبة وحزن تلتف له الأمعاء وتلتوي لأن صوته يحرج من الأمعاء التي فتلت وجففت وأخرجت من الموطن ونقره ذكر ما رأى من الرفاهية والعز والدلال فإن رأى سلطان أنه يسمع الطنبور فإنه يسمع قول رجل صاحب أباطيل وأما العصير فيدل على الخصب لمن ناله فمن رأى أنه يعصر خمرا فإنه يخدم سلطانا ويجري على يديه أمور عظام والخمر في الأصل مال حرام بلا مشقة فمن رأى أنه يشرب الخمر فإنه يصيب اثما كبيرا ورزقا واسعا لقوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما
ومن رأى أنه شربها ليس له من ينازعه فيها فإنه يصيب مالا حراما وقالوا بل مالا حلالا فإن شربها وله من ينازعه فيها فإنه ينازعه في الكلام والخصومة بقدر ذلك فإن رأى أنه أصاب نهرا من خمر فإنه يصيب فتنة في دنياه فإن دخله وقع في الفتنة بقدر ما ناله منه وقال بعض المعبرين ليس كثرة شرب الخمر في الرؤيا رديئة فقط فإن رأى الانسان كأنه بين جماعة كثيرة يشربون الخمر فإن ذلك ردئ لأن كثرة الشراب يتبعه مسكر والسكر فيه سبب الشغب والمضادة والقتال وقال الخمر لمن أراد الشركة والتزويج موافقة بسبب امتزاجها وحكي أن رجلا رأى كأنه مسود الوجه محلوق الرأس يشرب الخمر فقص رؤياه على معبر فقال أما سواد الوجه فإنك تسود قومك وأما حلق الرأس فإن قومك يذهبون عنك ويذهب أمرك وأما شرب الخمر فإنك تحوز امرأة وأتى ابن سيرين رجل فقال رأيت كأن بين يدي إناءين في أحدهما نبيذ وفي الأخر لبن فقال اللبن عدل والنبيذ عزل فلم يلبث أن عزل وكان واليا وشرب الخمر للوالي عزل وصرف نبيذ التمر مال فيه شبهة وشرب نبيذ التمر اغتمام وقد اختلفوا في شرب الخمر الممزوجة ماء فقيل ينال مالا بعضه حلال وبعضه حرام وقيل يصيب مالا في شوكة وقيل يأخذ من امرأة مالا ويقع في فتنة والسكر من غير شراب هم وخوف وهول لقوله تعالى وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والسكر من الشراب مال وبطر وسلطان يناله صاحب الرؤيا والسكر من الشراب أمن من الخوف لأن السكران لا يفزع من شئ فإن رأى أنه سكر ومزق ثيابه فإنه رجل إذا اتسعت دنياه بطر ولا يحتمل النعم ولا يضبط نفسه ومن شرب خمرا وسكر منها أصاب مالا حراما ويصيب من ذلك المال سلطانا بقدر مبلغ السكر منه وقيل إن السكر ردئ للرجال والنساء وذلك أنه يدل على جهل كثير ورأى رجل كأنه ولى ولاية فركب في عمله مع قوم فلما أراد أن ينصرف وجدهم سكارى أجمعين فلم يقدر على أحد منهم وأقام كل واحد على سكره فقصها على ابن سيرين فقال انهم يتمولون ويستغنون عنك ولا يجيبونك ولا يتبعونك وأكل الطير المقلي للتنقل غيبة وبهتان ورؤية الخمر في الخابية إصابة كنز والجب إذا كان فيه ماء وكان في بيت فإنها امرأة غنية مغمومة وإذا كان جب الماء في السقاية فإنه رجل كثير المال كثير النفقة في سبيل الله والجب إذا كان فيه الخل فهو رجل صاحب ورع وإذا كان فيه زبد فهو صاحب مال نام وإذا كان فيه كامخ فهو رجل مريض وأتى ابن سيرين رجل فقال رأيت كأن خابية بيتي قد انكسرت فقال إن صدقت رؤياك طلقت امرأتك فكان كذلك والرواق رجل صادق يقول الحق والقنينة خادمة مترددة في نقل الأموال وكذلك الابريق خادم بدليل قول الله عز وجل يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق فمن رأى كأنه يشرب من ابريق فإنه يرزق ولدا من أمته والأباريق الخدم القوام على الموائد وحكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأني أشرب من ثليلة لها ثقبان أحدهما عذب والآخر مالح فقال اتق الله فإنك تختلف الى أخت امرأتك والكاس يدل على النساء فإن رأى كأنه يسقى في كأس أو قدح زجاج دلت رؤياه على جنين في بطن امرأته فإن رأى كأن الكأس انكسرت وبقي الماء فإن المرأة تموت ويعيش الجنين وقد حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأني استيقيت ماء فأتيت بقدح ماء فوضعته على كفي فانكسر القدح وبقي الماء في كفي فقال له ألك امرأة قال نعم قال هل بها حبل قال نعم قال فإنها تلد فتموت ويبقى الولد على يدك فكان كما قال فإن رأى كأن الماء انصب وبقي الكأس صحيحا فإن الأم تسلم والولد يموت وقيل ربما يدل انكسار الكأس على موت الساقي والقدح أيضا من جواهر النساء فإنه من زجاج والشرب في القدح مال من جهة امرأة وقيل إن أقداح الذهب والفضة في الرؤيا أصلح لبقائها وأقداح الزجاج سريعة الانكسار وتدل على اظهار الأشياء الخفية لضوئها والأقداح جوار أو غلمان واللعب بالشطرنج والنرد والكعاب الجوز مكروه ومنازعة وإنما قلنا ان اللعب بكل شئ مكروه لقوله تعالى أو من أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون
ومن رأى أنه يلعب بها فإن له عدوا دينا
ومن رأى الشطرنج منصوبة لا يلعب بها فإنها رجال معزولون وأما منصوبة ويلعب بها فإنها ولاة رجال فإن قدم أو أخر اقطاعها فإنه يصير لولي ذلك الموضع ضرب أو خصومة وان غلب أحد الخصمين الآخر فإن الغالب هو الظاهر وقيل ان اللعب بالشطرنج سعى في قتال أو خصومة وأما اللعب بالنرد فاختلف فيه فقيل إنه خوض في معصية وقيل انه تجارة في معصية واللعب به في الأصل يدل على وقوع قتال في جور لأجل تحريمه ويكون الظفر للغالب واللعب بالكعاب اشتغال بباطل وقيل هو دليل خير والقمار هو شغب ونزاع وأما المجمرة فمملوك أديب ينال منه صاحبه ثناء حسنا والطيب في الأصل ثناء حسن وقيل هو المريض دليل الموت والحنوط والتدخين بالطيب ثناء مع خطر لما فيه من الدخان فأما العنبر فنيل مال من جهة رجل شريف والمسك وكل سواد من الطيب كالقرنفل والمسك والجوزبوا فسؤدد وسرور وسحقه ثناء حسن وإذا لم يكن لسحقه رائحة طيبة دل على احسانه الى غير شاكر والكافور حسن ثناء مع بهاء والزعفران ثناء حسن إذا لم يمسه وطعنه مرض مع كثرة الداعين له والغالية قد قيل إنها تدل على الحج وقيل انها سؤدد وقيل من رأى كأنه تغلف بالغالية في دار الإمام اتهم بغلول وخيانة والذريرة ثناء حسن وماء الورد مال وثناء حسن وصحة جسم والتبخر حسن معاشرة الناس والأدهان كلها هموم إلا الزئبق فإنه ثناء حسن والزيت الطيب بركة ان أكله أو شربه أو ادهن به لأنه من الشجرة المباركة ورأى بعض الملوك كأن مجامير وضعت في البلدة تدخن بغير نار ورأى البذور تبذر في الأرض ورأى على رأسه ثلاثة اكاليل فقص رؤياه على معبر فقال تملك ثلاث سنين أو ثلاثين سنة ويكثر النبات والثمار في زمانك وتكثر الرياحين فكان كذلك
ومن رأى أنه تبخر نال ربحا وخيرا ومعيشة في ثناء حسن