كل فترة تظهر خاصية أو شيء جديد في موضة التكنولوجيا فتسارع جميع الشركات للمنافسة في تقديم الأفضل لتحصل على اكبر قطعة من الكعكة. ولم تعد المنافسة بين الشركات في أغلب الأحيان تتمثل في أن كل شركة لديها ميزات حصرية معينة بل تتمثل المنافسة في من يقدم الميزة بشكل أفضل. فمثلاً ميزة Touch ID في أجهزة أبل ظلت فترة بلا أي منافسة حقيقية ليس لأنها الوحيدة بل لأن الشركات الأخرى لم تتقنها بشكل عملي كما أتقنتها أبل ثم انتقلت الميزة نفسها للأجهزة الأخرى. أما في هذه الفترة فالمنافسة الكبيرة بين الشركات تدور حول خدمات الدفع الالكتروني. فبعد خروج أبل بخدمة Apple Pay خرجت سامسونج بخدمة Samsung Pay وتبعتهما جوجل بخدمة Android Pay -يبدوا أن الشركات أحبت اسم Pay بعد استخدام أبل له ?ـ ولكن هل تشبه خدمة أبل في الفعالية أو حتى تتخطاها كما يتشابهون في الاسم؟ لنرى معاً كيف تقف كل خدمة لمواجهة الأخرى.
كيف تعمل كل خدمة؟
تعمل الثلاث الخدمات بشكل متشابه حيث يتم الدفع عبر ملامسة الجهاز لمنصة الدفع واستخدام البصمة لتأكيد الدفع ولكن منصة جوجل توفر استخدام الخدمة عبر رمز PIN للأجهزة التي لا تحتوي على تقنية البصمة وستتطلب خدمة سامسونج وقتاً أطول بقليل من خلال خطوة زائدة في الدفع، هنا انطلقت سامسونج بتقنيتها الجديدة حيث سمحت باستخدام تقنية MST والتي تسمح لأجهزة الدفع بقراءة الشريط المغناطيسي الخاص ببطاقات الائتمان لتقوم سامسونج بزيادة عدد المتاجر الداعمة لتقنيتها بشكل رهيب ولكن هناك نقطة تؤخذ على هذه التقنية سنتحدث عنها في فقرة تالية.
الدعم من قبل الباعة
خدمة أبل: أفادت أبل أن خدمتها ستقبل في مليون موقع بحلول هذا الشهر -شهر يوليو- مع أن بعض المتاجر مثل سلسلة متاجر وولمارت الشهيرة (أكبر متجر في العالم) تقاوم توفير خدمة دفع أبل حتى هذه اللحظة ولكن العديد من السلاسل الأخرى تقبل الخدمة. من الجدير بالذكر أن خدمة دفع أبل يمكن استخدامها مع العديد من المواقع وأيضاً التطبيقات للشراء.
خدمة جوجل: سوف تتوفر خدمة جوجل في 700 ألف موقع كبداية حين انطلاقها -هناك من هذه المواقع ما يدعم خدمة أبل أيضاً- وسوف تدعم بعض آلات البيع التي تدعم تقنية NFC وستدعم الشراء من التطبيقات والمواقع.
خدمة سامسونج: لم تعلن سامسونج عن رقم دقيق يحدد مدى توفرها لكن إمكانية الدفع باستخدام تقنية MST سوف يسهل انتشارها بشكل كبير ولربما يعطيها أفضلية. ولكنك تعلم القاعدة وهى.. لا تصدق حتى ترى.
الأجهزة المدعومة
خدمة أبل: من المعروف أن أجهزة أبل الداعمة لتقنية NFC هي فقط أجهزة الآي-فون 6 والآي-فون 6 بلس والآي-باد آير 2. خدمة الدفع الخاصة بأبل متوافقة بشكل كامل مع أجهزة الآي-فون ولكنها تعمل مع خدمات الدفع في المواقع والتطبيقات فقط في حالة الآي-باد. من ثم يظهر جهاز أبل الجديد وهو ساعة أبل والتي ستمكنك من استخدام الخدمة عند إقرانها بجهاز آي-فون 5 أو أحدث.
خدمة جوجل: هنا تتسع الدائرة بشكل كبير حيث ستعمل على أي جهاز يتضمن شريحة NFC ويعمل بنظام تشغيل Android KitKat أو أحدث بما في ذلك أجهزة سامسونج التي تحتوي على منظومة دفع سامسونج.
خدمة سامسونج: تعمل الخدمة حالياً مع أجهزة جالاكسي S6 وجالاكسي S6 Edge بالرغم من توفر شرائح NFC في عدة أجهزة مقدمة من سامسونج وتوفر البصمة في جهازي Note 4 و Note 4 Edge.
الأمان
من أهم النقاط التي تتركز حولها مناقشة خدمات الدفع الجديدة إن لم يكن أهمها على الإطلاق هو الأمان. فلا مزاح فيما يتعلق بالمال. أليس كذلك؟ لنر كيف تقوم كل شركة بتأمين منظومة الدفع الخاصة بها.
خدمة أبل: توفر أبل عدة مستويات من الأمان فلا يتم حفظ أرقام بطاقات الإئتمان في سيرفرات الشركة ولا تخرج أي بيانات من هاتفك ولا يستطيع البائع أن يعرف اسم المشتري أو معلومات البطاقة بل فقط يحصل على ثمن السلعة الخاصة به. وقد أوضحت أبل أنها لا تقوم بتخزين أي من معلومات تاريخ الشراء ولا تقوم بتتبع أي تحويلات لك. ويمكنك مسح كل معلومات بطاقات الإئتمان عن بعد بواسطة Find My iPhone في حال سرقة أو ضياع الجهاز. وبالطبع يتم الشراء من خلال تقنية هوية اللمس فقط في حالة الآي فون ورمز في حالة الساعة وبهذا تضمن أبل أنه من المستحيل حتى وإن سرق هاتفك أن يستطيع أحد الشراء به.
خدمة جوجل: فكرة جوجل عن التأمين مختلفة قليلاً حيث يقوم النظام بصنع (بطاقة ائتمان افتراضية) يتم بها الدفع مما يعني أن التحويلات الفعلية تتم بين مستخدم الخدمة وبين جوجل. ونعم نحن لا نعلم مدى تشفير المعلومات بالنسبة لجوجل نفسها أو كيف تدير جوجل أمان الخدمة على خوادمها.
خدمة سامسونج: فيما يخض الأمان فتعمل خدمة سامسونج بشكل مشابه لخدمة أبل في طريقة انتقال البيانات بين البائع والمشتري حيث يتم إنشاء رقم خاص يتم به الدفع ويستخدم لمرة واحدة فقط. ولكن النقطة الخطيرة عند سامسونج هي سماحها بالتقنية الخاصة باستخدام قارئ الأشرطة المغنطيسية لأن هذه التقنية تبرز معلومات بطاقة الائتمان الكاملة الخاصة بالمشتري. تقول سامسونج أن التشفير سيشمل عمليات الدفع التي تتم باستخدام هذه التقنية. لم توضح سامسونج كيف سيتم التوفيق بين هذه التقنية والتي تستخدمها بعد استحواذها على LoopPay والخدمة الخاصة بها والتي تقوم بالدفع والتشفير حيث أنهما في الأساس خدمتان منفصلتان، ولكن العديد من الخبراء أصروا على أن استخدام سامسونج لما يعتبرونه تقنية من التاريخ يعتبر خطأً فادحاً.
التوفر العالمي:
خدمة أبل: متوفرة في أمريكا وكذلك إنجلترا وربما تقوم أبل بتوفيرها في دول أخرى قريباً مثل الصين وكندا.
خدمة جوجل: لا يوجد أي معلومات عن الموعد النهائي لتوفر الخدمة وإن كان من المتوفر أن تكون خلال أكتوبر القادم وفي الولايات المتحدة فقط.
خدمة سامسونج: لا تزال هى الأخرى في الطور التجريبي ولم يعلن عن صدورها النهائي بعد وكذلك الدول المدعومة.
الخلاصة
كل شركة لديها مميزات وعيوب تخص خدماتها، ولكن مشكلة خدمة أبل هي فقط في محدودية الأجهزة المدعومة. أما سامسونج وجوجل فالوضع مختلف حيث التشكيك الأكبر يمكن في تأمين الدفع وهذا قد يعتبر خطيراً جداً حتى وإن تسبب في خطأ واحد صغير لم يكن مخططاً له فقد يكون قاتلاً. بالنسبة للمنافسة الحقيقية وأي الخدمات سوف يتم استخدامها من قبل المستخدم فالأمر ليس خطراً بالنسبة لأبل فخدمتها هي الوحيدة التي يتم استخدامها على أجهزة الآي-فون واعتماد أبل الوحيد هو على مستخدمي الآي-فون أما بالنسبة لسامسونج فالمنافسة خطيرة حيث ستدعم أجهزتها منظومة سامسونج ومنظومة جوجل بحكم أن أجهزة سامسونج تعمل بنظام أندرويد. قامت جوجل بتغيير خدمتها شكلاً ومضموناً لتنافس في السوق فعلاً وزادت الأمان بينما سامسونج قامت بإضافة حيلة LoopPay لكي توسع انتشارها أما أبل فقد قامت بالتركيز على أهم ما تركز عليه دوماً وهو البساطة الشديدة والأمان الشديد. فيا ترى أيهم يفوز بإثبات جدارته؟
خدمات الدفع والوطن العربي
نعم. خدمات الدفع قد تبدو قابلة جداً للاستخدام وحتى في بعض الأحيان أكثر أماناً من الدفع باستخدام بطاقات الائتمان الاعتيادية، ولكن.. أين موطننا العربي من كل هذا؟ حسناً.. للأسف هذه الخدمات ليست متوفرة حالياً في الوطن العربي على الأقل بشكل رسمي (لو كان لديك بطاقة إئتمانية صادرة من أحد البلاد المدعومة فإن أي ماكينة دفع حديثة سوف تقبل معاملتك بلا أي مشكلة). لكن بشكل رسمي خدمات الدفع الثلاث محصورة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كما أوضحنا في أعلى وتخضع الخدمات في العادة لعاملين رئيسيين هما قوانين الدول وكثافة الاستخدام. وبالنسبة لخدمة كبيرة مثل خدمة دفع تحتاج الاتفاق مع البنوك وأيضاً المحلات التجارية فيجب أن تكون كثافة الاستخدام والدخل القادم للشركة كبير بحيث يشجع الشركات لتسعى لعمل التعاقدات الضرورية والتي ستكلف كثيراً في بلداننا خصوصاً. تتوجه الشركات لدعم المزيد فيما يتعلق بالدول العربية مع زيادة المستخدمين ولكن خطوة كبيرة مثل عمل تعاقدات تخص خدمات الدفع هي خطوة قد تحتاج لأمد طويل وتنظيم أكثر فيما يتعلق بالإجراءات البيروقراطية الخاصة بالدول العربية. فإن كانت شركة مثل أبل أطلقت خدمتها في الولايات المتحدة وتبعتها بالمملكة المتحدة ثم كندا والصين قريباً فستجد عدة عوامل مشتركة بين هذه الدول: قوة شرائية كبيرة، كثافة استخدام عالي وأيضاً استعداد كبير من قبل السكان لاستخدام تكنولوجيا مماثلة، اما في وطننا العربي الأن قل من يستخدم البطاقة الائتمانية اصلاً وحتى تتوفر جميع هذه العناصر لدينا فلا نتوقع أن يكون توفر خدمات الدفع قاب قوسين أبداً.