قال ستيف جوبز ذات مرة “الناس أذكياء، بعض الناس يريدون مشاركة بيانات أكثر من الآخرين، اسألهم في كل مرة، اجعلهم يطلبون منك التوقف عن سؤالهم إذا سئموا، دعهم يعرفون بالضبط ما ستفعله ببياناتهم، وهذا ما تحاول شركة أبل القيام به إلا أن الرئيس التنفيذي للشبكة الاجتماعية العملاقة فيسبوك مارك زوكربيرج يشعر بالقلق منذ سنوات من أبل ورئيسها التنفيذي تيم كوك، حيث أصبح لصانع الآي-فون نفوذ كبير على أعمال الشبكة الاجتماعية ولكن منذ بضعة أعوام، بدأ الأمر يتزايد كما أن غضب زوكربيرج تفاقم ووصل لمرحلة الغليان حتى أنه قال لفريقه “نحن بحاجة لإلحاق الألم بهم”، لنتعرف خلال السطور التالية على قصة العداء بين مارك وتيم و أبل وفيسبوك.
كامبريدج أناليتيكا
مع بداية عام 2018، تفجرت فضيحة كبرى كان متورطا فيها فيسبوك وكانت حول تسريب بيانات ملايين المستخدمين، في ذلك الوقت، كدس تيم كوك في مقابلة على التلفزيون الوطني جهوده لإلقاء اللوم على مارك وشركته حيث قال أنه ما كان ليضع نفسه وشركته في مثل ذاك الموقف، ورد مارك بأن تعليقات كوك عابرة للغاية وسطحية ولا تتماشى على الإطلاق مع الحقيقة.
لم تكن هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي تثير فيها تعليقات وأفعال كوك، غضب مؤسس فيسبوك، وفي أواخر الشهر الماضي اندلعت حرب شرسة بين عملاقي التكنولوجيا حول الخصوصية وأدوات تتبع التطبيقات وكشفت تلك المواجهة، العداء المتأجج بين قادتي الشركتين بجانب رؤيتهما المتناقضة حول مستقبل الإنترنت، حيث وضعت أبل نفسها كحامي للخصوصية الرقمية مع توجيه الانتقادات في كثير من الأحيان للشبكة الاجتماعية فيسبوك ولكن بشكل غير مباشر ودون تسميتها.
كل ذلك مزعج على فيسبوك الذي يرى أن أبل تجاوزت حدودها بطريقة تهدد وجوده وما أشعل الفتيل الشهر الماضي، أداة خصوصية جديدة يعتزم صانع الآي-فون طرحها والتي سوف تقيد بشكل أكبر قدرة فيسبوك على جمع البيانات، وفي مكالمة أرباح المستثمرين، اتهم زوكربيرج شركة أبل بأنها تتدخل في كيفية عمل تطبيقات فيسبوك، بينما كوك ودون تسمية فيسبوك، ألقى خطاباً على الإنترنت أدان فيه نظريات المؤامرة التي تحدث عنها البعض بسبب الخوارزميات التي تعتزم أبل أطلاقها لمنع تتبع بيانات المستخدمين.
من يهيمن على الإنترنت
يمكن القول بأن رؤى فيسبوك وأبل متباينة وغير متوافقة بشكل متزايد، يرغب فيسبوك الاستفادة من بيانات المستخدمين بأقصى طريقة ممكنة بينما أبل ترغب في اجتذاب المستخدمين لعالمها الخاص الذي يركز على الأجهزة وعن طريق تسويق نفسها كشركة تركز على الخصوصية، يمكن أن تؤثر نتيجة معركتها مع فيسبوك على أنواع البيانات الخاصة بالمستخدمين التي يمكن الحصول عليها عند تصفحهم الإنترنت.
أيضا، ستلعب حرب الكلمات والأفكار في المحاكم والهيئات التنظيمية وقرارات المستخدمين دورا قويا في تلك الحرب المشتعلة بينهما، وعن سياسة الخصوصية التي تعتزم أبل تطبيقها قال متحدث باسم فيسبوك “الأمر لا يتعلق بشركتين بل بمستقبل الإنترنت المجاني، والشركات الصغيرة ومطوري التطبيقات والمستخدمون من سيخسرون بموجب قواعد أبل الجديدة ولا يتعلق الأمر كما تدعي أبل بالخصوصية بل بالربح ولهذا فيسبوك سوف يقف في مواجهة أبل نيابة عن كافة الشركات والمطورين المتضررين من سياسة أبل الجديدة وسلوكها المناهض للمنافسة”، كما قال زوكربيرج “أبل لديها كل الحافز لاستخدام موقعها المهيمن على النظام الأساسي للتدخل في كيفية عمل تطبيقاتنا والتطبيقات الأخرى”.
كوك ومارك
يختلف الرجلان اختلافا كبيرا من حيث الشخصية، مارك يبلغ من العمر 36 عاما وهو أحد خريجي هارفارد الذي كان يروح لنهاية الخصوصية كقاعدة اجتماعية أما تيم كوك البالغ من العمر 60 عاما، رجلا شديد الخصوصية، انتقل للعمل في أبل كمتخصص في لوجستيات سلسلة التوريد وبالنسبة لزوكربيرج فقد بنى فيسبوك على مفهوم الانفتاح الجذري وهو مصمم على إبقاء شركته في قلب الأحداث مع خدمات مجانية مدعومة بالإعلانات المستهدفة، أما تيم كوك الذي تولى إدارة أبل بعد مؤسسها ستيف جوبز فيخطط لتكوين تجربة مستخدم خالية من أي تتبع جائر على بيانات وخصوصية المستخدمين، ولهذا في خطابه يوم الخصوصية العالمي قال كوك ” إذا كان العمل مبنيا على تضليل المستخدمين أو على استغلال البيانات أو على توفير خيارات ليست اختيارات على الإطلاق، فإن الأمر لا يستحق الثناء- بل يستحق الإصلاح”.
الحرب الكلامية
في أواخر العام الماضي 2020، أعلن فيسبوك أنه سوف ينضم للمعركة القانونية التي تخوضها شركة Epic ولعبتها فورتنايت ضد أبل وفي نفس الأسبوع، وضعت الشبكة الاجتماعية إعلانات على أشهر الصحف الورقية تهاجم من خلالها أبل وتتهمها بأنها تقتل المنافسة وصورت فيسبوك نفسها على أنها تقف أمام أبل دفاعا عن الشركات الصغيرة في العالم، ومع بداية الشهر الماضي، أشار مارك إلى أن تغييرات الخصوصية التي تخطط لها أبل ستؤثر على نمو ملايين الشركات حول العالم ولكن لم تأبه أبل وتعتزم تطبيق سياسة الخصوصية لحماية المستخدمين من جشع شركات مثل فيسبوك الذي قال عنه تيم كوك “لا يمكن السماح لمعضلة اجتماعية بأن تصبح كارثة اجتماعية”.
وجهة نظر
سوف تستمر الحرب المشتعلة بين عملاقي التكنولوجيا، وكما نقول مرارا وتكرارا “عندما لا تدفع ثمن السلعة، فاعلم أنك أنت السلعة” حيث توفر لك فيسبوك خدماتها بالمجان والثمن هو بياناتك وخصوصيتك أما في أبل فالسلعة هي الخصوصية وحماية بياناتك وتتربح منها ولكن ما في الأمر أن مصلحة أبل تتفق مع مصلحتنا نحن المستخدمين.