أحد أغرب وأسخف أجزاء الحياة الرقمية الحديثة هو قلة سيطرة المستهلكين على المنتجات التي يمتلكونها، يمكن فقدان النسخ الرقمية للأفلام المفضلة لديك إلى الأبد إذا انتهى اشتراكك في الخدمة، لا يمكن مشاركة الكتب الإلكترونية التي اشتريتها مع أكثر من شخص في حين تستطيع بالكتب الورقة، وعندما ينكسر هاتفك الذكي فغالباً لا يوجد أحد يمكنه فعل أي شيء لإصلاحه باستثناء الشركة المصنعة نفسها وإلا كانت العواقب وخيمة فقد توقف الشركة بعض الخدمات كما تفعل أبل، ولكن قد يتغير هذا الأخير على وجه الخصوص قريباً، بفضل أمر تنفيذي جديد وقع عليه الرئيس جو بايدن منذ أيام، ويخوض المشرعين نقاشات حول اللوائح المتعلقة بكيفية عمل الشركات وسياسات الإصلاح الخاصة بمنتجاتها.
قيود أبل لإصلاح منتجاتها
كما هو معروف، يمكنك طلب السبّاك لتصليح حوض المطبخ واستبدال الأجزاء التالفة بأخرى جديدة وتركيبها ولا يحدث أن تقول الشركة المصنعة لحوض المطبخ بأن عملية الإصلاح قاصرة فقط على فني الشركة، ولكن إذا تعرضت كاميرا الآي-فون للكسر، فهذا بالضبط ما يحدث، حيث تُقيد أبل الوصول إلى قطع الغيار والتشخيصات التي من شأنها أن تسمح لمحل مستقل بإجراء هذا الإصلاح بسهولة. حتى المتاجر المصرح لها بإجراء الإصلاحات لا تزال وظيفتها مقصورة على عدد قليل من المهام الأساسية. أي شيء أكثر تعقيداً مثل الشاشة المكسورة أو البطارية المعطوبة، يتطلب من المتجر شحن هذا المنتج مرة أخرى إلى أبل وهي ما تقوم بعملية الإصلاح بنفسها أو تذهب إلى مركز صيانة يحصل على اعتماد من أبل رسمي ويشتري منها قطع الإصلاح (غير متوفر سوى ببعض الدول).
قانون بايدن الجديد
قانون بايدن الجديد، يركز بشكل عام على تعزيز المنافسة بين الشركات، وهي مبادرة تشتد الحاجة إليها بالنظر إلى كيفية سيطرة عدد قليل من الشركات العملاقة على المجال. من بين أحكامه الـ 72، هناك بند في قانون بايدن يتحدث حول التكنولوجيا والشركات التي تفرض قيودا على الإصلاحات الذاتية والأطراف الثالثة مثل تقييد توزيع الأجزاء والتشخيصات وأدوات الإصلاح، مما يجعل الإصلاحات أكثر تكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً.
كما يواصل بايدن تشجيع لجنة التجارة الفيدرالية FTC على إصدار قواعد ضد القيود المانعة للمنافسة على استخدام ورش إصلاح مستقلة أو إجراء إصلاحات DIY (يقصد بها اصلاح الأشياء بنفسك) للأجهزة والمعدات الخاصة بك.
وفي وقت سابق من هذا العام، قامت لجنة التجارة الفيدرالية بالتحقيق بشكل أكبر حول تلك القيود ونشرت اللجنة تقريرا مؤلفا من 54 صفحة إلى الكونجرس، جاء فيه أن التغييرات في سوق التكنولوجيا سمحت للشركات بالالتفاف على قانون يمنعهم من إبطال الضمانات إذا تم اصلاح الجهاز عن طريق محتوى مكتوب أو خدمة باسم العلامة التجارية ما لم يتم توفير تلك المقالة أو الخدمة مجانا.
كما رأت اللجنة أن الشركات قامت بتوجيه المستهلكين إلى شبكات الإصلاح الخاصة بالمصنعين أو استبدال المنتجات قبل نهاية عمرها الافتراضي مثل ما حدث مع أجهزة آي-فون 6 والذي أصبح غير قابل للاستخدام بفضل تحديثات البرامج الجديدة.
أبل ليست الوحيدة
قد يبدو الأمر كما لو أن أبل هي الوحيدة التي لديها مثل تلك القيود، ولكن هناك شركات عديدة في مختلف المجالات تقوم بنفس الأمر، مثل شركات تصنيع السيارات والتي تستخدم الضمان لمنع المستخدم من الذهاب لأماكن أخرى وهناك حقوق الملكية لضمان منع الشركات الأخرى من صنع قطع غيار مماثلة ومن ثم تكون هي الوحيدة القادرة على إصلاح السيارات الجديدة بالتكلفة التي تحددها، أيضا تقوم شركات الإلكترونيات الآن على نطاق واسع بتضمين بنود في اتفاقيات ترخيص المستخدم النهائي الخاصة بها والتي تعني أن المستهلكين لا يمتلكون منتجاتهم أبدا بفضل الحظر المفروض على أي تعديلات على البرامج.
حتى ستيف وزنياك، المؤسس المشارك لشركة أبل، يعتقد أن القيود الحالية التي تفرضها الشركة على الإصلاحات ليست جيدة وقال إذا كانت موجودة في السبعينيات فمن المحتمل أنها كانت ستخنق الشركة في بدايتها كما أن أبل لم تكن لتظهر للعالم لو لم ننشأ في عالم تكنولوجي منفتح للغاية.
كما أضاف وزنياك “لم يكن علي أن أتحمل شيئا لا أستطيع تحمله، لم يكن هناك شيء يمنعني من بناء الكمبيوتر وإخبار العالم أن مستقبل أجهزة الكمبيوتر الشخصية سيكون لوحة مفاتيح وجهاز تلفزيون. كل ذلك جاء من القدرة على إصلاح الأشياء وتعديلها والاستفادة منها بنفسك”.
أخيرا، لا أحد يعلم متى سيتم تطبيق القوانين الجديدة في قطاع التكنولوجيا ولكن في القريب العاجل سوف يصبح كل شخص قادر على اصلاح الآي-فون أو أي جهاز لأبل بنفسه أو في أي متجر دون أي مشكلة إذا تمت الموافقة على التشريعات الجديدة التي تهدف لتعزيز المنافسة ومنع الاحتكار.
بقى أن نذكر أن القوانين هذه والقيود هي في الدول الغربية لكن في غالبية دولنا فمن الأساس لا وجود لأبل وتذهب إلى متاجر الإصلاح والتي تقوم باستبدال الجزء المعطوب بجزء أحضروه من هاتف آي-فون آخر لديهم أو الأسوء وهو أن يكون جزء مقلد رديء الجودة.